الأحد، 5 مايو 2013

‏من هو خالد القشعمي ؟ قصة مؤلمة لأحد وجهاء محافظة الزلفي


بسم الله الرحمن الرحيم
من للمسجونين في الله و لله و في ذات الله
نحسبهم و الله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدًا
إنهم كثير في معتقلات و سجون مباحث وزارة الداخلية نسأل الله فك أسرهم و تعجيل فرجهم و أن يكتب لهم أجرهم و يرفع درجتهم في عليين مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين .

منهم رجل تعرفت عليه و جالسته ، و ذقت معه الحلوة و المرة في غياهب هذه السجون ، إنه رجل عرفته عن قرب ، و رافقته مرافقة أخ محب ، سمعت منه كثيرًا من أحواله ، و حفظت منه نسبه و آباءه و أعمامه و أخواله ، رجل أحسبه و الله حسيبه متوكل على الله موقنًا به سبحانه لا يرجو أحدًا سواه ، صابر محتسب مؤمن به ، واثق بوعده و نصره و فرجه ليس له فحسب بل لكل مظلوم معه في هذه البلاد أو في بلاد الله الواسعة من المجاهدين المؤمنين و الدعاة الصادقين ، نعم .. إنه رجل عانى كثيرًا قبل سجنه ، و ذاق الكثير الكثير بعد حبسه ، خذله رفاقه و صحبه ، قطعه أهله و عترته ، و تخلت عنه عشيرته و السواد الأعظم من قرابته إلا قليلًا يعدون بأطراف أنامله ؛ منهم أمه و والده و أولاده و زوجته .

لكنه دائمًا لهَجُه بفضل الله عليه و رحمته و على أولاده و زوجته بفضل ابتلاء الله لهم و بلائه عليهم .


إنه / خالد بن محمد بن عبداللطيف بن عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز القشعمي - من أهالي الزلفي - أسرته من أكبر عوائل الزلفي و وجهائها ، و هو من أشرف من يعرف في أسرته بل في أهالي الزلفي ؛ فهو من أشهر أئمتها منذ نعومة أظفاره من عام ١٤٠٧ هـ و أحد خطبائها في مدينة الأرطاوية ، و أحد مدرسين حلقات تحفيظ القرآن في الزلفي منذ عام ١٤٠٤ هـ تقريبًا حتى عام ١٤١٥ هـ و أحد العاملين و القدماء المجاهدين في هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في الزلفي ممن عمل مع الشيخ / عبدالرحمن بن يوسف الدويش - رحمه الله - الذي كان رئيس هيئة الزلفي الشمالية ؛ عمل معه منذ عام ١٤٠٧ حتى قبض عليه عام ١٤٢٥ هـ و هو إمامًا و خطيبًا و عضوًا في الهيئة .

و عمل وكيلًا لهيئة الأرطاوية سبع سنوات كان له فيها أعمالًا خيرية و دعوية و توجيهية مع خطابته في الجامع الكبير في الأرطاوية منذ عام ١٤١٥ هـ حتى القبض عليه عام ١٤٢٥ هـ .
و كان لأعماله الأثر الجليل و النفع الكبير بعد الله تعالى ثم بجهوده و الخيِّرين معه في نفع الناس و الدعوة إلى الله و بذل الخير و المعروف و النصح و النصرة لإخوانه و أخواته من المجاهدين و المستضعفين في كل مكان.
و من المحبين الملازمين لأهل العلم و الدعوة و أهل الخير و الصلاح ؛ يسعى في برهم و إكرامهم و ضيافتهم ، قلَّ ما تجده إلا و بابه مفتوح لإكرامهم و ضيافتهم على الرغم من ضيق حاله و قلة ما في يده و لكن الله يخلف عليه و يرزقه ..

هذه تقريبًا نبذة مختصرة عنه أخذت بعضها عنه و بعضها ممن يعرفونه عن قرب .


أما اعتقاله فكان يومًا مفجعًا خاصة على أمه و أولاده و زوجته ؛ ففي صبيحة يوم الجمعة آخر يوم من شهر رمضان ٢٩/ ٩/ ١٤٢٥ هـ ليلة عيد الفطر كان عاكفًا على إعداد الخطبة ، فما فجعه إلا صياح بنياته و أبنائه ؛ و منهم من يخطو و يقع ، فأراد استبانة الأمر فما راعه إلا دخول العساكر عليه في وسط بيته أمام زوجته ليس عليها ما يسترها عن الرجال .

و إذا البيت قد امتلأ و فناء الدار قد غصّ بالمقنعين و الملثمين ؛ المدنيين منهم و العساكر المدججين بالسلاح ، فما تسمع إلا سحب الأقسام قد اختلط بصياح الصغار و عويل المرأة المكلومة الضعيفة ، و تهديد هؤلاء العساكر و إشهارهم السلاح بوجه والدهم و والدتهم ، و تكبيلهم لوالديهم يديه خلف ظهره أمام أبنائه و زوجته ، و اقتياده أمامهم من غرفة إلى غرفة قد وضعوا السلاح عليه عن يمينه و يساره و من خلفه ، و قلبوا بيته و نثروا أغراضه و أثاث بيته و ملابسه وملابس أولاده و زوجته ، و داسوا ببساطرهم ملابسهم و أثاثهم 

و أثاثهم و انتهكوا حرمة بيته من غير جريرة أو جريمة .

ثم اقتادوا والدهم يجرونه جرًّا أمام ناظري أولاده و زوجته و تحت صياحهم ، لم يرحموا طفلًا رضيعًا و لا فطيمًا و لا زوجة مفجوعة لا تحير جوابًا .

أشباح مدججون بالسلاح امتلأ بهم كل مكان حتى المباني المجاورة و السطوح المرتفعة و المنائر الشاهقة ، و أصبح ما حول البيت ثكنة عسكرية بكل أنواع المدرعات و الأسلحة الثقيلة  و كأنهم أمام أكبر مجرم على وجه الأرض ، و قد كان باستطاعتهم استدعاءه أو إحضاره عن طريق عمله في الهيئة أو بعد خطبته للجمعة و لكن ...؟!

ذهبوا بوالدهم و هو صائم آخر يوم من رمضان ، لم يكتب له صلاة الجمعة إلا ظهرًا ، و الجماعة في الجامع صلوا ظهرًا .

أما أمَّه لما وصلها الخبر من أبنائه صُدمت صدمة كبيرة - و كانت مريضة بالسكر - انهارت بكاءً و عويلًا على فلذة كبدها ، و انقلب عيدها حزنًا و كمدًا و عزاءًا .

و مرت الأيام و الشهور ثم رأوه لأول مرة بعد أن اقتيد من عندهم ، و لم يزل المرض يزداد بأمه من جراء فجيعتها بفلذة كبدها حتى سقطت بجلطة دماغية لا يتحرك منها شيء سوى لسانها ، لاهجة بذكر ربها حامدة على ما أصابها و ولدها ، لا يقر لها قرار و لا تمضي ليلة إلا تسأل عن ولدها فهي لم تره منذ أكثر من أربع سنوات منذ سقوطها بهذه الجلطة .

وما زالت تعاني و زوجته أمراضًا منذ لحظة اعتقاله ، أما أولاده فلا تسأل عن حالهم بعد أن فقدوا والدهم ومن كان يملأ عليهم بيتهم .

و مضت الأيام و الشهور و السنوات ؛ تسع سنوات و والدهم خلف القضبان أسيرًا في سجون مباحث وزارة الداخلية ، فإلى الله المشتكى و هو حسبنا و نعم الوكيل .

لماذا يسجـــــنونا و نستـــــكينُ
و لا أحــــــــد يرد و لا يُبــــــينُ
أللإســــلام نسبـــــتنا و هـــــذا
أخو الإسلام في الحبس سجينُ